-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

الجزء الثالث : كلمة فريق الإعداد


■  | توثيقية الدفعة 15 – بـقسم هندسـة التعدين


● | كلمة فريق الإعــداد | ●

قبل سنوات كنا طلاباً كأيّ طلاب آخرين ، لا يشعر أحدنا أن الفترة الجامعية ستضيف الى ذخيرته شيئاً ؛ نتعلم العلوم الدينية وعلوم الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والهندسة والرياضيات ، أيضاً ألفاظ الشوارع التي لم تمتلك ألستنا يوماً الشجاعة للتلفظ بها ، البذاءة وتضييع الوقت وتحصيل الدرجات ، فهْمَ الناس والعلاقات والتكافل ، مشاركة الناس في أبسط الامور حتى وجبة الفطور ، ورغم ذلك لم تربطنا علاقة قوية بالمؤسسات التعليمية ، ولا حتى بالأسلوب المتبع فيها لتنشئة الجيل على العلم والفهم والصلاح ، الامر لم يكن الا مجرد رحلةٍ تعبر فيها من سمستر الى اخر، بل حتى طرقها في احتساب درجات امتحانات اعمال السنة او النصف نهائية والنهائية ؛ دائماً ما كنا نشعر ان الامر لا يتم بالطريقة الصحيحة والعادلة، كانَ الأمر وقتها بالنسبة لنا يشبه تجميع النقاط للحصول على جائزة ؛ هي شهادة تقدير بشعارين في زاويتيها تشهد فيها الجامعة أمام الله ووالديك والعالم أجمع انك التزمت بطريقتها في التعليم وأحرزت ما يؤهلك لتكون جاهزاً لبدء حياتك العملية .. لربما كان ذلك هو السبب الرئيسي في عدم شعورنا بالفرح المفرط بإحرازنا لمعدلات عالية ، من وجهة نظرنا أن ما تعلمناه وحدنا ومن كتبنا ومن الحياة ، كان اكثر قيمة مما تعلمناه من كل تلك المؤسسات.

كل واحد منا يتذكر شكله وهو يزرع الطريق كل يومٍ في رحلته الى الصفوف ، ننهض وقت الفجر ونعود الى البيت غالباً عند المساء ، إذ أننا كنا أيضاً نركض لاهثين خلف الحياة الأكاديمية ، فكنا نمضي معظم الوقت بين المحاضرات وهواتفنا وكتبنا ، وبعد كل هذه السنوات وكل هذا التعب ، لو أن أحدكم سألنا "هل أحببنا الجامعة؟" .. لكانت اجابتنا جاءت سريعة و بكل ثقة "نعم" .. "هل أضافت لنا شيئاً ؟" .. بالتأكيد ، الكثير جداً، اضافت لنا الوعي و الإدراك ولا ننسى الأصحاب الطيبين.

كلما عادت بنا الذاكرة لا نشعر بالحنين لشئ الا لهؤلاء الحمقى ؛ الحمقى الذين لولاهم لما كنا قادرين على قضاء خمس سنوات في مكان لا نشعر انه ينتمي إلينا ، الحمقى الذين نحبهم من اعماق قلوبنا ولكننا مثلهم لا نملك الشجاعة الكافية لقول ذلك بوجوههم ، عاشرنا فيهم البشوش والمتشائم ، الغني والفقير، الصادق والمخادع ، السعيد والحزين ، حافظ القران والشيخ وتارك الصلاة ، القيادي والمنقاد ، الجبان والشجاع ، المتدين و"الشماسي" .. وغيرهم ، وبرغم ذلك كنا نحس بأننا جميعنا اسرة ، مختلفون نعم ولكننا متماسكين مترابطين ، يجمعنا الضحك والحزن و"الفتة"  واوقات الامتحانات وكل شئ تقريباً.

نتمنى أحياناً لو اننا كنا بشوشين خفيفي الظل كـ (عِزّو)، ذلك القصير الضعيف الذي يمنحك ابتسامة صباحية بدون مقابل ، او اننا مثل (ابو القاسم) حافظ القران الذي يشعرنا بحبّ الخير والمسؤولية ، ودائماً ما يشدّنا بمقدماته الجميلة الحلوة عند كل اجتماع سخيف نقوم به ، لن ننسى (رفعت) الذي يشعرك أحياناً بأنه أب وأحياناً بطفولته ، (الجعلي) بتأتئته تلك وصوته الجهور وصرامته ، (يسار) الرجل الهادئ الذي لا يرفع صوته الا نادراً ، البروف الذي نسميه "بقا" الذي كان يعجبه هذا الدور لدرجة انه تقمصه الى أن عاش فيه ، لن ننسى (أكرم) و (المعز لدين الله) الهادئين المشربين بالخلق الجميل ، ولن ننسى ما حيينا شلة اليسار الشمالي (المعز عبد الصمد)، (هيما)، (الواثق) و (عمر) الذين علمونا ان هناك جوانب اكثر جمالاً و كمال في الإنسان نحتاج أن نبحث عنها ، (أحمد بلولة) الرجل الباسط يده والذي سبقنا بالزواج ليس فقط بواحدة بل بإثنتين ؛ والذي كنا نرى فيه تجربة سيئة نتعلم منها الدروس عن الحياة الزوجية ، (جلال الدين "زعامة") العسكري الذي لا يتوقف عن اخبارنا عن بطولاته في الحرب ، والذي لا يتوقف أيضاً عن إخبارنا أن حياة الجندي هي مرتع الرجولة والتضحيات ، (محمد عوض) الشخص البسيط غضباً والجميل خُلقاً، (أحمد) و (محمد) و (التاج) و (النعمان) و (ابراهيم مصطفى "ديربي") و (هاشم) ، و (عمر علاء "ود اللواء") ... تطول القائمة ولا تتسع لذكر كل الاسماء والعتبى لهم جميعاً.

كنا من بقاع مختلفة من السودان، من أقصى شماله وجنوبه وشرقه وغربه ، من قبائل متنوعة لا يربط بينها عادة أو عُرف او تقليد ، لكننا لم نشعر يوماً أن تلك معضلة تحدُّ من الترابط بيننا ، لا نذكر حتى أننا كنا نتباهى بأمور تافهة كهذه .

 قيل "إن الانسان الحقيقي هو الذي تخرج من لقائك به وأنت تشعر أن ما تبقى من عمرك سيكون أجمل" .. ذلك كان أجمل احساس منحتمونا إياه في اخر يوم لنا في الحرم الجامعي ، فما كان منا إلا أن نجتهد في إنشاء هذا الكتيب لنخلّد به ذكراكم و ذكرياتكم ، منكم تعلمنا أن أداة الصداقة لا تتم بالعاطفة الحية فقط ، ولا بالذوق السليم والخلق المتين في اختيار الاصدقاء ، وانما بقبول بعضنا البعض على أي شاكلة كنا ، وان ندفع ببعضنا الى الامام بقدر ما منحنا الله من قدراتٍ وصفاتٍ وأخلاق ، وعرفنا منكم أن القلوب البيضاء الصادقة قليلة ونادرة مثل كل شئ نادر ؛ ولكنها إن وُجدت تترك بصمةً جميلة الذكرى ، حيّةً في احساسها ، واضحةً في معناها ، وان القلوب السوداء السيئة موجودة بكثرة البشر ، ولا تترك غير الحسرة والندم .. الصداقة تبدأ عندما تشعر أنك صادق مع الآخر وبدون أقنعة .

 بقلم ✍️ : عمر محمد عطية

■ |  شــارك في هـذه الإصـدارة:

¤  فـكــرة وتـأليـف : التجـاني أبوبكــر أبُّـوه أبوبكــر 

¤  مراجعة وتنقيح : عمــر محمــد عطـيــة وداعــــة

¤  أرشيف الصـور : أسامة بابكر + أحمد الجعــلي

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية