-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

نوك ثم نوك

حسنآ بعدد مرور اكثر من عشرة ايام على منحنا اجازة مفتوحة الاجل بسبب الكرونا، اكتشفت فيها انني البشري السوداني الوحيد الذي لم يشعر بالملل، و لم يشعر بأي فرق بين ما قبل هذه الاجازة و ما بعدها، غير انني الان وجدت بعض الوقت لممارسة هواياتي بكل امطئنان كالرسم و الكتابة و العاب الفيديو، و لكن مثلما أفعل كل يوم تقريبآ، اليوم أيضآ بعد نهوضي من النوم شاركت ما يزيد عدده عن 5 مليار بشري من مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم، العادة التي باتوا يمارسونها فور استيقاظهم و هي النظر اولآ الى هواتفهم و من ثم كالعادة ارسل لمن هم معي على الواتس رسالة واتسابية عبر البرود كاست الخاص بي، إلا انني فرح جدآ بهذه الاجازة المفتوحة الاجل، اذ انني صرت افعل كل ذلك بعد ممارستي للعادة التي تخصني، و لكي أبعد الشبهات و أريح خيالاتكم الواسعة الوسخة و نياتكم الغير صافية و الحيوانية الشهوانية من الذهاب بعيدآ لمحاولة تخمين عادتي الخاصة التي ارتبطت في جو الإستيقاظ الهادئ صباحآ، لشاب وحيد عازب و مستويات تستوستيرون تكون عالية جدآ في الصباح، ودورة دموية نشيطة لانني صرت في هذه الفترة اجري كثيرآ من تمارين الضغط و انا في المنزل، ترافق هذه الدورة الدموية النشيطة انتصابات صباحية فولاذية عند الذكور كما تعلمون، و هذا ليس عيبآ او مدعاة للشعور بالخزي و الخجل.
لدي طبعآ فراش وثير و غرفة اغلق ابوابها على نفسي معظم الوقت و امكث فيها وحيدآ، و سرير خشبي واسع، و إضاءة خافتة و موسيقى منسابة من سماعات البلوتوث التي اخبرتكم عنها لو تتذكرون عن استعداداتي لفترة الحجر المنزلي، و كل هذه التفاصيل التي تشكل في النهاية غرفة نوم هادئة و دافئة، هذة العادة السرية التي افعلها صباحآ تخفف عني العزلة و تقلل من الرغبة في الموت في حضن امرأة، و تجعلني لا افكر في الزواج مطلقآ و بالتأكيد تبعني كل البعد عن مشاهدة الافلام الاباحية النجسة التي دمرت ما دمرت من الشباب، لربما هذه العادة السرية بالنسبة لي و ممارستها تعد في حد ذاتها خطرآ على العقل و الجسد و تحط من المقدرة الانتاجية للذكور، و لكن برغم ذلك انا لا استطيع ان اتوقف عن ممارستها، صرت ادمنها بطريقة مخيفة جدآ، حيث صرت امارسها و بعد ان اغطي نفسي بالكامل بملاءة او بطانية ما، العادة ببساطة هي أنني أشرد و أسرح و أنا في سريري مع ذهني و خاطري لمسافات بعيدة و أوقات قصيرة أو طويلة و ذلك حسب الظروف و مشاريع اليوم.
امارس هذه العادة يوميآ صباحآ، و انا لا افعل شيئآ سوى مراقبة الخراب في نفسي و الغرابة في أفكاري و أهوائي بنفور تام مرة و مرة اخرى بتقبل عطوف و مرات كثيرة بضجر شديد و ذلك بعد تركيز عيني على نقطة معينة في الغرفة، تحديدآ على سقفها و جسدي مستلقيآ بكامله على ظهري و يداي بعد ان وضعتهما فوق بعضهما على صدري، شرطي لممارسة هذه العادة الغريبة هي ان اظل هكذا محدقآ بالسقف دون ان احرك اي شئ غير تلك الحركة التي تنتتج من عملية التنفس، او رمشة عين لا استيطع ان اوقفها، في كثير من المرات تكون نقطة مركز دوران مروحة غرفتي هي المكان الذي تشحص فيه عيني بتركيز تام، المهم أنني رجعت اليوم من هذه الرحلة الخيالية التي تدوم ربع ساعة على الاقل بمزاج حسن و بدون افكار سوداوية او خاطرة رومانسية بلهاء اكتبها مرة في مايا و مرة في لليان و مرة لا ادري حتى، و شاركت السودانيين عادتهم الصباحية حيث ألقيت نظرة على هاتفي و بدأت أشاهد الإشعارات التي و صلتني خلال ساعات نومي القصيرة الليلية، التي برمجت عقلي على تقبلها و عدم الشكوى من قلتها، ففي العام الماضي اجد كل صباح اكثر من 300 اشعار من الفيس او الواتس او صفحتي او موقعي، كلها ردود افعال على ما نشرته، طبعآ الان لا تتجاوز عشرآ، بسبب انني صرت لا اهتم بمن يعلقون او يكتبون او يمنحوني اعجابآ، لا اهتم حتى اذا كتبت مقالة تحتاج ساعتين من القراءة لإكمالها، و لا اجد حتى شخص واحد قرأها، فصرت دائمآ ما ارد على الرود اما بيد ممسكة بورد او قلب، ابتسامة تتمثل في اربعة وجوه تعبيرية واتسابية تتبعها اربعة قلوب حمراء و هذا كل شئ، رد بارد سخيف يجعل الكثير ممن يتابعونني يكتفون بالقراءة دون ابداء اي رأي او تعليق.
المهم انني خرجت اليوم مقررآ انني سوف اتوقف عن الكتابة لبعض الوقت، و ان اقوم بنشر اقتباسات من الكتب التي قرأتها في هذه الفترة، على الاقل لن يظهر توقيعي السطحي "Sajeen" تحت كل الرسائل المرسلة اليكم، و لأكون اكثر صراحة معكم، لا تثيروا عادتي الثانية بردودكم بأن اتراجع عن هذا القرار، لأن هذه العادة تجعلني امارس كل انواع البرود و السخف و الاحراج و التطفل و تصنيفكم كحشرات، هل تتذكرون كتاباتي عن النمل، قد اعود لأصفكم بدودة بشرية رخوة كما فعلت مع احدهم من قبل، قد اهين و احط من مكانتكم الراقية الطاهرة، و تذكروا ان في العادات الغريبة شيء من النفس الشيطانية، كما انني سأكون كاذبآ ان قلت لكم انني سأشتاق لكم فأنا لا اهتم و لا اكترث، بل وصل الامر الى انني حتى الان لا اشاهد التلفاز و لا اتابع اخر الاخبار و اخر ما عندي ان كرونا الان اصاب ايطاليا بعد الصين، متى و كيف و كم عدد المصابين، لا اكترث، لكنني الان اريد ان اشغل نفسي قليلآ بالتفكير في ماهية الكرونا في حد ذاته، حيث اجد ان ذلك يساعدني كثيرآ في ممارسة عادتي تلك اكثر من التفكير بما سيفعله الكرونا بجسدي، و في الختام، حفظكم الله من الخوف و القلق و من الموت و الكرونا و من عاداتكم الغريبة، حفظكم الله من لساني و وقاحتي و سخافتي، و ليس لي شئ اقوله غير ما قاله احدهم من قبل "ابن من خيالك مظلة في الصحراء قبل ان تبني بيتآ في داخل اسوار المدينة" و دمتم سالمين.

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية