-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

من بواطن قلبي




عزيزتي لليان،
اكتب اليك هذه المرة من بواطن قلبي، هنا حيث كل التساؤلات تبدأ من جديد، هنا حيث كل الاشواق تولد كل لحظة، هنا الشمس لم تخذلك و لن تخذلك ابدآ حيث تشرق كل يوم في ذات التوقيت و الموعد و تغرب كل يوم عند الممشى الجميل بين عينيك، لا تتأخر  عنك أبدآ، هنا حيث الغروب احلى و الشروق اجمل اشراقآ، لا تصدقي كل الصور التي ينشرها بنو البشر عنهما، فالشروق هنا ميلاد في كل يوم و الغروب ميلاد اخر لا يختلف عنه إلا في التوقيت.
عزيزتي انا لست متعب منك و تعبي الذي ترينه لا شئ، مقابل ضحتك الخجولة تلك، حتى الموت الذي تهديه لي المشاق يوميآ من الصباح الى المساء، تعيدني منه عينك الى الحياة، كم لحنآ موسيقيآ علي ان احفظ لأقابل به ضحتك الجميلة تلك، و كم مرة علي أن اموت لتعيدني بعده عينيك الى الحياة في نشوة جامحة، لا شئ يشبههما ليسد جوعي المتواصل اليك.
عزيزتي الجميلة،
أتساءل في اللحظات التي تأتي بعد صمت طويل او اللقاءات التي تأتي بعد غياب طال وقته، هل ينوب عنا هذا الصمت حقآ ؟ أم أننا نتعلق به فقط حين لا تسعفنا لغتنا في التعبير و الكلام او حين لا يسعفك خجلك البرئ، هل ينوب عنا الغياب فعلآ ؟ ام نتغمصه لأنه يحافظ على قوة اشواقنا من التآكل و التلاشي، اعرف انني اصمت كثيرآ عنك و أتحدث كثيرآ في اوقات أخرى، أسهو عن الكلام كالساهي عن صلاته، أغفو كالغافي الذي امتلكه النعاس اثناء خطبة الجمعة، أنام و لا أسترجع أحيانآ في ذاكرتي شيئآ، أشعر بالغرابة منك في اوقات كثيرة، لكنني أحتمي بالصمت لانه يقول عني الأشياء التي لا استطيع ان أقولها أنا، و انت بالمثل تفعلين ذلك، نبتعد عن بعضنا و نحترق، نغوص و نغرق، نموت و نحيا و لكننا عميقآ نعرف اننا ننتمي لبعضنا، لذلك نعود لنلتقي عند نفس نقطة البداية من جديد.
قلتها لك من قبل عزيزتي، و سأقولها مرة ثانية، اكتب اليك هذه المرة من بواطن قلبي، هنا قلبي مدينة لك، هنا أشيائي، عبثي، خوفي، كل آمالي المعلقات بالسماء، كل مشاعري، كل حروفي، كلها لك وحدك، هنا لغتي، ما احبه و ما اكرهه، شوقي الى لقاء أبدي على مسافة واحدة بذات التوقيت، شغفي، احلامي، اوجاعي و آلامي، رغباتي، حزني و سعادتي، املي بأن تكوني لي يومآ و الذي يقف على حافة رؤيا لعمر لا يخشى من الآتي غير الغياب او خسرانك، هنا انا و هنا انت، هنا كل شئ بدأ بك و كل شئ سوف ينتهي بك.
انني اكتب اليك كلما شعرت بحاجة لقول الأشياء التي أدفنها بداخلي رغم علمي اليقين بأن ردك لن يزيد على كلمة واحدة و هي "حبيتها"، انا اعلم جيدآ انني كائن بشري غير اجتماعي و يؤسفني ان امي الجميلة تكرر ذلك دومآ لي، لا أحادث الناس الغرباء إلا للسؤال، و لا اهتم بالناس القرباء الا عند المحن، و لكن الغريب في الامر انني القي التحية على كل من أمر بهم، و لا اراديآ ارد بكلمة "تسلم" لكل من قدم لي خدمة سواء بمقابل او غير مقابل، أنا  يا عزيزتي ابني في داخلي مدنآ لكنني لا اسمح لمن اعرفهم ان يسكنونها، أمد بين هذه المدن جسورآ لا يعبرها احد، و أجلس أراقب باستمتاع من بعيد اللقاءات التي تجمع الاخرين و أبتسم، فلماذا سمحت لك انت بالذات بدخول احدى تلك المدن و اسكنتك اياها.
عزيزتي لليان،
اظن انني في المرة القادمة، سأرسم لك بدل الكتابة، ثمة شعور عميق يشدني اتجاه طفولتي حين كنت اكون علاقات ممتدة مع الاخرين، حين كنت أرسم ملامح الأشخاص كما هي لأنني كنت احبها، في الحقيقة ثمة وجوه رسمتها أراها تتردد في ذاكرتي أحيانآ، منها بالتأكيد وجهك الجميل، ثمة قلم رصاص، و الوان و ورق أبيض، وظلال كثيرة كنت قد مررت عليها أصابعي مرات عدة، اظن انك تذكرينني بطفولتي، بتلك الفترة البيضاء التي امضيتها و انا ارى انا كل الناس ملائكة، كم كنت حينها بريئآ و سخيفآ، انك تذكرينني بتلك الفترة لأنك نقية بيضاء كالطفلة، لذلك عزيزتي لا تتعبي من قراءة ما اكتبه، لا تملي لحظة، امنحيني بعضآ من أيام عمرك كي اعطيك ما تبقى في حلقي من جمل و حروف، كي امنحك ما تبقى من قلبي، لدي عمر من الكتابات أطمح أن أغلفه كهدية بشوقي ذات عيد و أرسله إليك حيث تكونين، امنحيني بعض الشوق و الامل و لربما الكثير من الحظ السعيد، لأظل باقي على وعدي لك، لا اميل عنه و لا انكس به أبدآ.

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية