جمال الكنداكات

مازلت اكره جمال المتصنعات المتبرجات، جمال المظاهر البراقة و الضحكات السطحية، مازلت افضل جمال البساطة، جمال الكنداكات بعطر العرق، الجمال الثوري النابع في صرخة غضب، في صوت يعلو لينصر ارضآ و وطنآ، ذلك الجمال الخالص الذي يبقى بهيآ في وجه صاحبته دون ان يهاجم احدآ او يثير غريزة، الجمال الذي لا يراه إلا من توشح بدخان الغازات المسيلة للدموع، الجمال الذي لا يراه إلا من امتلك القدرة النافذة على اكتشافه في الانفعالات الحقيقية، تبدو ضعيفة و لكنها بقوة رجل عندما تصرخ، حاملة الامل و الوعد في ابتسامها أو عبوسها، في تسريحتها البسيطة، في إيماءاتها العفوية الرقيقة و العيون العميقة المليئة براءة، التي تعرف متى يجب أن تصبح نظراتها حادة، في لطافة تلك الحنونة اتجاه الاخرين، و في تكشير انياب تلك القطة اتجاه الغاصبين، في الشفاه الممتلئة و لكن بدون الوان، في البشرة السمراء أو البيضاء الطبيعية، في الوجه الذي يتعب و لكنه ينضر عند رشه بالماء من قبل ثائر على جانب كبري، و في الصوت الذي يبح عند المغيب، و في الجسد الذي يتعرق و يجف و يرتخي و يشتد فيصبح خشنآ و لكنه يستطيع ان يجمع جميع المشاعر الانسانية و جميع الصفات الانثوية، افضل جمال شجن بعباءتها الواسعة الساترة، تلك البسيطة التي اسكنت الم المصابين، افضل جمال ريحانه و نجود و مساجد، جمالهن البسيط الذي فرض نفسه على الجمال المادي الذي تروج له قنوات التلفاز و السينما، الجمال الذي يتمحور حول النظرات الشاذة، و الشفاه المعوجة المنفرجة، و الوجوه المصبوبة بدرة و الجسد السليكوني الذي يعدم الملامح و يبهتها كقطعة قماش رخيصة، و الحواجب العريضة و النحيقة و الملتوية بطريقة تشعرك بأن التي امامك ليست انثى و انما مادة يتم تشكيلها بمواصفات معينة، كل هذه الفظاعة التي يتم عرضها علينا هي اقرب ما تكون الى الشعور بالقرف من الإعجاب، الاعجاب هناك، الجمال هناك، الحب هناك، جميعها على وجوه الكنداكات المناضلات.