-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

تراجيديات سجين، الجزء الخامس : اعتراف



ﻳﻔﺘﺢ ﺷﺎﺏ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﺟﻮﺍﻟﻪ عند الساعة الخامسة و النصف، بعد ان يصيح فيه صوت منبه الهاتف، ﻳﻘﺮﺃ  صفحات ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭ ﺟﻞ ﻭ ﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﺼﻔﺢ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻣﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ و ﻳﻘﺮﺃ ﻗﺼﻴﺪﺗﻴﻦ ﻟﻨﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﻧﻲ، ﻭ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻧﻲ ﻧﺎﺭﻭﺗﻮ على ﺍﻟﻴﻮﺗﻴﻮﺏ، ﻭ ﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﺍلفيسبوﻙ، ﻳﻘﺮﺃ ﺑﻀﻊ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻳﻌﺠﺒﻪ ﺍﻛﺜﺮﻫﺎ و ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻭ ﺍﻻﻋﺠﺎﺏ بها، ﻭ ﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻭ ﻳﻤﺸﻂ ﺷﻌﺮﻩ ﻭ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻜﻮﺳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، يفتح ﺭفآ ﻣﻦ ﺩﻭﻻﺑﻪ ﻭ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﺪﻩ ﺍﻟﻮﺭﻧﻴﺶ ﻭ ﻳﺠﻬﺰ ﺣﺰﺍﺋﻪ، ﻭ ﻳﻔﺘﺢ رفآ ﺍﺧﺮ ﻓﻴﺠﺪﻩ ﻳﻀﻢ كتبآ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ، ﻭ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﻫﺪﻭﺀ ﻟﺘﺘﺠﻮﻝ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺩﻫﺸﺔ ﻭ ﻳﺴﺄﻝ متعجبآ، ﻟﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻭ ﻣﺘﻲ ﻭ ﻛﻴﻒ ﺗﺮﺍﻛﻤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭ ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﺿﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ؟! .. ﻛﺘﺐ ﻟﻨﺰﺍﺭ ﻭ ﺍﺧﺮى متعلقة بمجال تخصصه و كتب ﻟﻠﺪﺭﻭﻳﺶ ﻭ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻟﺪﺍﻥ ﺑﺮﺍﻭﻥ ﻭ ﺍﺣﺘﻮى ﺭﻛﻦ ﺻﻐﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻀﻊ ﻛﺘﺐ ﺩينية، ﻭ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﺛﺒﺎﺕ ﻧﺤﻮ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﻭﻗﻒ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺴﻼﻡ ﺗﺤﺖ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﻛﺮﺍﺱ ﻻ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻟﻪ ﻭ ﻻ ﻧﺴﺐ، ﻭ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻭ على ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺣﺎﻧﻴﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭ، ﻭ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻛﻞ الدولاب ﻓﻲ ﺯﻫﻮ ﻭ ﺗﻤﺘﺪ ﺍﺻﺎﺑﻌﻪ ﻓﻲ ﻫﺪﻭﺀ لتتحسس ذلك الكراس، ﻏﻼﻑ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ كان ﻻ ﻗﻮﺍﻡ ﻟﻪ ﻭ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺪﺕ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭ ﺑﺎﻫﺘﺔ، ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻧﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺑﺮﺝ ﺍﻟﻔﺎتح، ﺛﻢ القى ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ، القى ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ملل الى ﺳﺮﻳﺮ ﻳﻀﻢ ﺑﻴﻦ ﺟﻮﺍنبه اثار ﻧﻮﻣﻪ، ﻭ ﺟﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﻋﺸﻮﺍئيآ ﻟﻴﻘﺮﺃ ﺍﺳﻄﺮآ بسيطة :
"ﻓﻘﺪ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﺸﺊ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﻫﻮ ﺧﻄﻒ الواقع الى احداث ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ، لكنني ﻟﻢ ﺍﺳﺘﻮﻋﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻱ ﺷﺊ ﻭ ﻟﻢ ﺍﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺗﻪ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻭ ﺻﻮﺕ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻧﺎ ﻭ ﻫﻲ ﻣﺎﺽ جميل، ﻳﺤﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﻭ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﺤﺐ ﺍلى ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺪ ﺣﻴﻠﺔ ﻭ ﻻ حتى ﻏﺪآ"
ابتسم الشاب ﻭ ﺿﺤﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﺮف متى ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻱ ﺷﺨﺺ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﻭ ﻟﻤﺎﺫ ﻛﺘﺐ ذلك ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ، انه ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻲ ﺳﻨﻴﻦ مظلمة ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻋﺸﻮﺍئيآ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﺳﻄﺮآ مختلفة ﻭ ﻳﺘﻔﺤﺼﻪ ﻭ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﺑﺪﺍخله ﻭ ﻟﻢ يبلى ﻛﻤﺎ ﺑﻠﻲ ﻏﻼﻓﻪ ﻓﻘﺮﺃ ﺃﺳﻄﺮآ ﺍﺧﺮى :
"ﻭ ﺇﻧﻲ ﻷﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﺰﺣﻢ ﺭﺃﺳﻲ ﻣﻦ الم، ﻻ ﻳﻌﺪﻭ سوي ساعتين ﺃﻭ ﺃﺭبع، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍلصمت ﻛﻤﻦ ﺗﺸﺒﻪ عجوز كبير بح صوتها، صديقة السرير تغذى دون حديث، ﻭ ﻟﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ هل ستكون بخير ؟
ﻟﻜﻨﺖ ﺍجبت، انها هي ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ و الرقة و الموسيقى و الشجن و الحزن السريع"
ﻓﺄﺧﺬ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺻﻤﺖ ﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ ﻟﺒﺮﻫﺔ، ﻭ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺑﻪ الى ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻗﺒﻞ ﺛﻼث ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ على ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺳﻤﻊ ﺻﻮت ﺍﻣﻪ ﻳﻨﺎﺩﻱ :
ﺍﻟﻴﻮﻡ ليس الجمعة ألا ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﻟﻲ ﺍﻟﺠﺎمعة ؟!
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﻓﺎﻕ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻪ ﻭ ﺍﻧﺘﺒﻪ ﻟﻠﻮﻗﺖ، ﻓﺄﻋﺎﺩ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﺍﻟﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭ ﺣﻤﻞ ﺣﻘﻴﺒﺘﻪ ﻭ ﺍﺳﺮﻉ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ و ﺍﻃﻠﻖ العنان لعقله ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﻭ ﻣﺸﺎﺑﻜﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻮﻧﺔ، ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﻌﺪ ﺍلى ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻟﺘﻨﻄﻠﻖ ﺑﻪ، ﻋﺎﺩ ﻓﻜﺮﻩ ﺍلى ﺗﻠﻚ ﺍﻻﺳﻄﺮ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ، ﺛﻢ تنهد ﻓﻲ ﺭﺍﺣﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ، "ﻧﻌﻢ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ لبست الصمت رداء لها".
 و ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺑﻌﻴﺪآ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻀﺠﻴﺞ ﺍلصادر ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍلتي تصدر ﻣﻦ ﺭﺍﻛﺒﻴﻬﺎ، ﺑﻌﻴﺪآ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻻﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻋﺮﻓﻬﻦ، ﻭ ﺑﻌﻴﺪآ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻤﻘﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﺸﻤﻌﻴﺔ ﺍلمتنكرة، ﻭ احتكاك ﺍﻃﺎﺭﺍﺕ ﺍﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ على ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭ ﺷﺮﺩ ﻓﻲ ﺛﺒﺎﺕ ﻭ ﻫﺪﻭﺀ حتى ﻭﺻﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺨﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ الجالس علي هذه الخمسة و العشرين مقعدآ، ﻭ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺜﻮﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭ ﺣﺬﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ، ﻟﺘﺨﺮﺝ ﺻﻮﺭﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺍﺩﺍﺭﺕ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ - ﺫﺍﻛﺮﺗﻪ - ﻭ ﻟﺒﺚ ﻣﻌﻬﺎ على نيل ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺳﺎﻋﺔ، ﻭﺻﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍلى ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻴﺨﻄﻮ ﺑﻘﺪﻣﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﺔ جرف لنيل ﺍﺧﺮ ﺍﺟﺮﺩ، ﻟﻴﺮﻣﻖ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ ﻣﺴﻴﺮﺓ أجساد أنثوية ﺻﻐﻴﺮﺓ هزيلة ﺗﺘﺒﻊ ﺩﻗﺎﺕ ﻗﻠﺐ ﺍﻋﺘﺎﺩﺕ ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﻭ ﻫﻲ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺒﺾ ﻭ ﻓﺘﺢ ﻟﺼﺪﺭﻩ ﺑﺎبآ ﻣﻦ ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻬﺎﺩﺉ ﻭ ﻫﺰ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﻲ ﻧﺪﻡ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺮى ﻋﺸﺮﺍﺕ الفتيات ﻳﺘﺤﺮﻛﻦ ﺍﻣﺎﻡ ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ، ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ، "ﺍﻟﻌﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻲ ﺛﻴﺎﺑﻬﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻓﻴﻪ ﻷﻧﺴﻲ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻧﻮﺛﺘﻬﺎ".
ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻤﻀﻲ ﻓﻲ خطى ﻫﺎﺩﺋﺔ، ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﺪﻭ ﺧﻠﻔﻪ، ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﺪﻭ ﻟﻴﺠﻌﻠﻪ ﻳﻤﺤﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﻴﻠﺘﻪ، اليوم لا وقت سوف يركز فيه مع المحاضر و الى ما يلقيه عليهم من تراتيل علم الهندسة، و ﺗﺘﺴﻊ ﻋﻴﻨﺎﻩ متذكرة عينيها ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺘﻴﻦ، اللتين ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺧﻔﺔ ﻭ ﺧﺠﻞ ﻭ ﺣﺐ، و ﺣﻴﻦ تذكر اللحظة التي ظن فيها ﺍﻧﻪ ﺍﻣﺴﻚ ﺑﺄﻧﺎﻣﻞ ﻳﺪﻫﺎ، ﺗﺬﻛﺮ ايضآ ﺍﻧﻬﺎ ﻧﻈﺮﺕ ﺍﻟﻴﻪ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﻟﺘﻘﻮل، "ﻻ يوجد شخص في حياتي أكرهه أكثر منك".
ﻓﻈﻞ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﻓﻲ ﺍﺑﺘﺴﺎمة ﺳﺎﺧﺮﺓ، ﻭ ﺍختفى ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺯﻫﻮ ﺑﺮﻭﺩﻩ ﻭ ﺷﺮﻭﺩﻩ و ﻫﺰﻣﺘﻪ ﻓﺘﺎﺓ، ﻫﺰﻣﺘﻪ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻦ ﻃﻮيلآ ﺍﻧﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻣﻦ ﻳﺴﺨﺮ ﻭ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﺍﻟﺘﻌﺐ، وحده الذي يكتب و يهاجم ذوات الشعر المدهون، ﺍﻥ الأقدام التي تعتاد الركض سوف ترهقها الخطى في النهاية، ﺗﻔﺮﺵ ﺟﺴﺪﻩ ﺑﺤﻘﻴﺒﺘﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻟﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺟﺎلسآ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍخرى سوف تصله الي المدينة المقابلة -ام درمان- ﻭ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪيمة، ﻭ ﻳﻠﺘﻘﻂ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﺍﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭ ﺍﻣﺎﻧﻴﻪ ﺍﻟﻬﺎﺭبة ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻻﺧﺮى.
ﻫﻜﺬﺍ سوف يرحلون ﻳﻮمآ ما، ﻛﺮﺍﺋﺤﺔ ﻋﻄﺮ ﺍنثى ﺗﻤﺮ ﺑﻘﺮﺑﻚ في عجالة، ﺳﻨﻘﺘﻠﻊ من حد الجذور ﻭ ﺳﻨﺘﺤﺮﺭ، ﻭ ﻳﻠﻘﻲ احدنا باﻵﺧﺮ في ذات المنبت، ﻭ ﻻ ﻧﺘﺮﻙ ﺧﻠﻔﻨﺎ ﺳﻮى ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮ، فلم ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﺫﻥ ؟! .. ﻟﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ ؟! ﻭ ﻳﻤﻀﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻳﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﻕ ﻓﺮﻳﺪ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ، ﻳﻤﻀﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﻤﺎ ﻣﻀﺖ ﺃﻳﺎﻡ من ﻋﻤﺮه ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻟﻠﻔﺎﺭﻕ، ﻳﻌﻮﺩ الى ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﺎﺀ ﺟﺪﻳﺪ، ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺧﻄﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪة ﻟﻴﻔﺘﺢ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻜﺮﺍﺱ ﻭ ﻳﻜﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﺪﺃﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﻭ ﻳﻌﻠﻮ ﺍﻟﺤﺎﺟﺒﺎﻥ ﻭﺗﻀﻴﻖ ﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﻳﻨﺘﺼﺐ الأﻧﻒ ﻣﻨﻪ ﻛﺒﺮﻳﺎﺀ ﻭ ﻳﻨﺜﺮ في حمامه ﻋﻠﻲ ﺟﺴﺪﻩ ﻗﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﺑﻴﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﻣﻦ فشل، ﻳﺨﺘﻨﻖ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻭﺭﺍﻕ ﻛﺮﺍﺱ ﺫﺑﺤﺘﻪ ﺃﻟﻒ ﻛﻠﻤﻪ، فلم ﻳﺒﻖ ﻣﻦ ماضيه ﺷﻲﺀ ﺳﻮى ﻟﻤﺤﺔ ﺣﺰﻥ ﺩﻓﻴﻨﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻋﻤﺎﻕ ﻋﻴﻦ ﺍﺣﺎﻃﺘﻬﺎ رموش الغد، الذي يسعى ﻟﺮﺳﻤﻪ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ ﻣﻨﺘﻘﺎﺓ، ﺑﻌﻴﺪآ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺒﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ، إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻲ فقط ستون ورقة و صورة باهته لبرج الفاتح، ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺒﺎحآ ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻧﻌﻢ ﻫﻜﺬﺍ ﺍﺑﺪﻭ ﺩﻭﻥ ﺍﺧﻄﺎﺀ، ﻭ ﻳﻠﻤﻠﻢ ﺍﻭﺭﺍﻗﻪ ﺍﻟﻤﺒﻌﺜﺮﺓ ﻭ ﻳﺨﻄﻮ ﻓﻲ ﺛﺒﺎﺕ ﻭ ﻗﻮﺓ.

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية