-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

انا اكتب عنك و عني

انا اكتب دومآ عنك و لم اتوقف يومآ، اكتب عن حكايتنا الجميلة التي ما استمرت رغم كل التضحيات التي نذرناها، اكتب عني و عنك كما لم يكتب التاريخ عن شخصياته، اكتب عن البدايات التي بدت بسيطة في نظرنا، عن النهايات التي كانت عصية معقدة مظلمة لتدركها عقولنا، هل تتذكرين نصيحة ذلك العجوز المسكين الذي شاركناه معآ تلك "البيتزا" حينما أحس بصعوبة في معرفة مكوناتها رغم اعجابه بطعمها، فقال لنا ناصحآ "ان الامور المعقدة التي تصعب علي عقولنا ادراكها و فهمها يجب الا نفكر فيها كثيرآ، كمحاولتي البائسة في تحديد ماهية ما نأكله الان"  .. و ها انا ذا اعمل بنصيحته و اعود انبش في البدايات البسيطة، غير مباليآ بالنهايات العصية، منقبآ عن سحر عينيك فيها، عن نقائك الانثوي الطاهر الذي تشرب ذاكرتي التالفة.

انا اكتب دومآ عنك و عن الاماكن و الشوارع التي ضمتنا و ذاتها التي ابعدتنا مرات، عن الحماقات التي اقترفناها، أوليست اكبر مغامراتنا و اكثر ما افرحنا عندما كنا نكتشف مدى غبائنا و اكثر ما ابكانا عندما كنا نعاقب عليها لاحقآ  ؟، اكتب عني و عنك و عن الاحلام البريئة المندثرة في فترة المراهقة و عن النظرات المكسورة حزنآ في صورك و عن اللقاءات التي زيناها شغبآ و المساءات التي اسكتناها صمتآ و عن الصباحات التي جملناها ضحكآ، و عن الحياة التي تقاسمناها كشقي تمرة، و عن المواعدات الجميلة و الحزينة، هل كنت أخلفت منها موعدآ ؟، ما فعلت و لن افعل، لا زلت اكتب عن المي و المك، حزني و حزنك، و عن الفرح البعيد الذي جمعنا في شجيرة ببحري و من ثم ادار لنا وجهه و صاح "من اللحظة ان كنتما قويان معآ، ان كنتما مستمران معآ ما بقي في الجسد من روح، فالحقا بي ان استطعتما"، فانطلقنا مسرعين و في الطريق تعثرنا، فشلنا في تجاوز معظم مطبات طريقنا في الحياة، و لكننا لم ننظر خلفنا و لو مرة واحدة، نسقط فننهض، ننهض فنسقط، و لا نزال نحاول اللحاق به.

اكتب عني و عنك، عن خوفنا الذي امدنا قوة فلم نكن جبناء، و عن الشتاء الذي اكسبنا صلابة فلم نكن ضعفاء، و عن التجارب التي صقلت عقولنا فأكسبتنا قربآ و وجدانآ، و عن صلة الدم التي سرقتنا من بعضنا و جمعتك برجل يشبه حزنك المظلم، اكتب للجرح القديم النازف، و للفرح العصي الذي بات غريبآ عني و عنك، و لشمعة الامل الباهت التي باتت في نهايات عمرها، اكتب عن كل التناقضات التي ما انفكت تطاردنا، عن حظنا البائس الموسوم بقرني شيطان منحوس، عن مجاري الدمع المنحوتة نقشآ على خديك،  نعم لا أزال اكتب عنك و عني، و لكنني في كل يوم افتح صفحة من ارشيف الايام، امسح يومآ بعد آخر، و لا أتخلى عن اي يوم منها و لا حتى ثانية واحدة من ساعتها الاربع و العشرين، امسحها جميعآ لتنتهي بسرعة، ليختفي كل هذا البؤس، و لتكسر سلاسل الحزن، و لتزال مقاييس المسافات و ثوابت الزمن، ليبنى لنا معبرآ نمر من خلاله الى حيث كان الفرح الذي نسابقه سيجمعنا، ربما في بلاد اخرى و في سنين اخرى مليئتان بالتقشف، ربما في حياة اخرى مليئة بالتعاسة، لكن قلب فتاة مثلك ضاحكة حد شفتيها، مليء بالحب و الحياة، سيمطر فيها ماء ليروي حقولآ لا نهاية لها، فتزهر زهرآ و وردآ من العشق و الود و الامل، و سأبقى لأكتب عني و عنك، عن قصتنا، عن اسمينا، عن عينيك، عن قبلتنا، عن البدايات، عن النهايات، عن الحياة، عن كل شئ سوف يأتي.

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية