-->
سجين اوراق قلب سجين اوراق قلب
عمر محمد عطية

‎ ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺸﻚ، ﻻ ﺗﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ، ﻻ ﺗﻘﺎﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻷﻥ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪﻩ ﺫﻵ ﻭ ضعفآ، ﻭ ﻻ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻓﻜﺮﺁ ﻭ ﺭﻭﺣﺂ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻓﺨﺮﺁ ﺑﻬﺎ.


recent

: منوعات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

جمالك الحقيقي



قرأت رسالتك المعاتبة التي كانت ردآ علي الخاطرة التي كتبتها فيك مؤخرآ و كيف ان هناك الف فتاة احلى منك و ان جارتك أجمل منك، ﻳﺆﺳﻔﻨﻲ يا صغيرتي أﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﺭﺍﻙ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺍﻙ ﺍﻟﺒﻌﺾ، يؤسفني أنني لم أكتب يومآ خاطرة حول جمال خصرك او جدائل شعرك الأسود او بؤبؤا عيناك، يؤسفني أنني  يومآ لم أمتدح جسدك و لم أشف فيه كما يشف كيس بلاستيكي ما بداخله، فأنا منذ أن نضج عقلي تكونت لدي مفاهيم أخرى للجمال، فلم أعجب بجميلات السنيما عدا أنوشكا شارما و لم تجذبني السمراء ذات العيون السوداء و لا ﺍﻟﺸﻘﺮﺍﺀ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ و ﻟﻢ ﺃﻫﺘﻢ ﺑﻔﺎﺗﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ او القنوات الفضائية و مروجات ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ مثل لوشي و اني و الله ثلاثآ لا أدري حتي هذه اللحظة شكلها.
ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ عندي يا صغيرتي، ﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ مادية جسدية ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎﻟﺖ و مهما تجسدت فتنتها ﺣﺘﻤﺎ ﺳﻴﻐﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ، فهم ﻧﻈﺮﺗﻬﻢ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﺳﻄﺤﻴﺔ، مقصورة علي المادة حيث ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﺄﺯﻳﺎﺋﻚ، بألوان طرحاتك، بمكياجك، ﺑﻤﻼﻣﺤﻚ، ﺑﺄﻧﻮﺛﺘﻚ، طريقة كلامك و مشيتك، حيث ﻭﺯﻋﻮﺍ ﺻﻜﻮﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺣﺴﺐ ﺃﻫﻮﺍﺋﻬﻢ و ميولاتهم، ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻪ و يشتهونه و يرغبونه، فكل هذه المقاييس الموضوعة للجمال هي مقاييس مادية تحط من مكانتك كأنثى.
ﻟﻜﻦ ﻳﺎ صغيرتي، ﺇﻧﻨﻲ ﺃؤمن أﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ اللا-مادي بداخلك، بساطتك التي تعكس جمال روحك، ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻚ ﺑﻌﺪ ساعة ﺑﻜﺎﺀ ﻗﺎﺳﻴﺔ، ﺗﻨﻬﻴﺪﺍﺕ صدرك ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻣﻌﺔ ﻭ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺭﻋﺸﺔ ﺟﺴﺪﻙ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ كان يرتجف فيها من برد قارس، تسارع نبضات قلبك في لحظة ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺗﺠﻒ فيها ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ، ﺩﻧﺪﻧﺔ صوتك و انت ترددين ﺃﻏﻨﻴﺘﻚ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ و سماعات هاتفك علي اذنيك، ﻧﻈﺮاﺗﻚ لنفسك في المرآة ﻭ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ يئس تحصين فيها آثار تقدم العمر التي بدت تظهر علي جسدك، ﺃﻧﺖ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻚ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ و جميلة عندما تضحكين و ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ نظرات الانتقام ﻟﺸﺨﺺ ﺣﺎﻭﻝ ان يكسر عودك ﻭ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ، جميلة في نظرات الغضب التي ترميني بها في لحظة عتاب مني، جميلة ﻓﻲ ﻟﺬﺓ ﻧﺠﺎﺡ حققته بعد ان ﺃﻗﺴﻢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻚ ﻟﻢ و لن ﺗﻨﺠﺤﻲ، جميلة ﻓﻲ ﻗﻮﺗﻚ و صمودك امام هذه الحياة ﻭ ﺛﺒﺎﺗﻚ ﺃﻣﺎﻡ كل الذين تخلوا عنك و امام الذين رحلوا عنك، ﻭﻫﺬﺍ هو نوع ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ الذي لمسته فيك، الجمال الذي ﻻ ﻳﻔﻨﻰ ﺃﺑﺪآ، الجمال الذي لا يمكن أن يضع له أحد مقاييس، هذا هو النوع من الجمال الذي يشف لي و لك و للناس ذاتك الطاهرة، و هو الجمال الذي نحتاجه الان يا صغيرتي ﻷﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ حياة ﻗﺎﺳﻲ ﻭ ﻣﻤﻴﺖ.

إرسال تعليق

التعليقات



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق على

سجين اوراق قلب

2024 - 2017 محفوظة لصاحبها عمر محمد عطية